بين الأمومة، والوظيفة، معادلة، هل يُمكن حلُّها؟
تعيش كثيرٌ من النساء في هذا العصر أدوارًا عليهن أن يؤدينها، منها ما يتمثل في دورهن الأسري، ومنها عملهن الوظيفي. وشئنا أم أبينا، أصبح هذا الوضع حاجةً مُلحَّة لكثيرٍ من النساء، لكن الأمر يتطلب فهمًا واضحًا للطريقة الصحيحة لممارسة هذه الأدوار.
وعند النظر لحل هذه المعادلة، يتبادر إلى أذهاننا ثلاث حالات نمطية، وهي:
الحالة الأولى: المرأة العاملة الدقيقة في عملها، والمنهمكة فيه، غير أنها سلَّمت مقاليدَ عرشها الأسري لغيرها ليتصرف بما يراه وما يعتقده مناسبًا، وأيًّا كان المبرر لهذا التنازل، بالتأكيد؛ لا يُقبَل.
الحالة الثانية: المرأة المنهمكة في أدوارها الأسرية، المضيِّعة لأعمالها الوظيفية، وكثيرًا ما تسرق من وقتها الوظيفي لأسرتها بداعٍ ودون داعٍ، وأيًّا كان المبرر لهذا الإهمال الوظيفي؛ لا يُقبَل.
أما الحالة الثالثة: فهي المرأة التي تعيش الصراع بين الدوريْن، وهذا الوضع أُجزِم أنه الأكثر انتشارًا؛ حيث تُصارع المرأة واجباتِها وأدوارَها، وكثيرًا ما تعيش الضغط والإنهاك إلى درجة الاحتراق.
غير أن هناك حالةً رابعةً هي الأفضلُ والأقوى؛ حيث وجدت حلاً متوازنًا لهذه المعادلة الصعبة، تقوم على منطلقات لتحقيق ثلاثة أهداف، يمكن تلخيصها فيما يلي:
المنطلقات:
كل دور له وقته الزمني المحدد؛ فالوظيفة لها وقتها المحدد بصورة واضحة، وكذلك وقت الأسرة محدد بوضوح، ويكون التوزيع متقاربًا -نوعًا ما-. من الضروري ألّا تتداخل الأدوار في وقت واحد.
من الصعب أن يؤدي دور الأم أحد بنفس الكفاءة والجودة؛ لكن من الممكن أن تُفوِّض الأم أدوارها الروتينية مع تفعيل الإشراف، والمتابعة بين حين وآخر.
- بين الأسرة والوظيفة، هناك أدوار أخرى عليكِ ضبطها وألّا تزاحم أدوارك المهمة. يجب أن تكون لديكِ القوة في فهم احتياجاتك منها، وغالبًا ما تكون مرتبطة بالعلاقات الاجتماعية خارج الأسرة، وبالجانب الترفيهي لك.
- الباب المهم في ممارسة الأمومة، والجانب الأسري للمرأة بطريقة سليمة ليس الفطرة فقط؛ بل الوعي باحتياجاتك، واحتياجات أسرتك المتغيرة، لذا، عليك بالتثقيف، والفهم لهذه الاحتياجات. احتياجاتك مختلفة عن غيرك؛ فما يُناسبك قد لا يُناسب غيرك، وما يحتاجه أفراد أسرتك يختلف عن غيرهم. فهي احتياجات مختلفة متغيرة، ومن المهم تجديد وعيك بها بين فترة وأخرى.
- أدوارك في الوظيفة أيضًا: لا بد أن يكون لديك وعي بها وأن تكون واضحة لديك، وأن تحاولي تطوير هذا الوعي بين حين وآخر؛ فجميع وظائف هذا العصر أصبحت متغيرة، ومتطورة بشكل سريع. هناك ما يُعرف بالبناء الوظيفي، والتطور، والنمو الوظيفي، وهما يُساعدان على تسهيل الإنتاج في العمل، وتخفيف الضغط الوظيفي.
- إدارة الأزمات وتزاحم الأدوار: فمن الطبيعي أن تتزاحم الأدوار -خاصة في وقت الأزمات-؛ لذا يُفضل أن يكون لديك خطة واضحة في إدارة أوقات الأزمات التي نمر بها بين آونة وأخرى؛ مثل الاستعداد السابق، التفويض المؤقت المدروس، التركيز والبعد عن المشتتات أثناء الأزمة. كذلك بعد الانتهاء من الأزمة، قومي بعمل نشاط ترويحي، أو مكافأة؛ ليعود لك التوازن، والنشاط.
- هناك فرق بين نشاط الراحة، والرفاهية، وبين نشاط التنفيس عن المشاعر السلبية، والضغوط اليومية؛ فنشاط الراحة تأثيره مؤقت، يُفيد فقط لتجديد نشاط القوة البدنية، والذهنية؛ مثل: النوم الكافي، والاسترخاء، أما نشاط التنفيس فهو تفريغ طاقة سلبية موجعة ومؤلمة، ناتجة عن مشاعر سلبية، أو ضغوط حياتية يومية.
تلك التي أصبحت مع العصر الحديث لا يخلو منها أحد، وعليكِ أن تكتشفي نشاطًا يُساعدك على التنفيس؛ مثل الرياضة، أو هواية محببة لك، وغالبًا ما تكون أنشطة التنفيس حركية، أو ذهنية عالية التركيز، بعكس نشاطات الراحة.
وفي ضوء هذه المنطلقات نستهدف تحقيقَ الأهداف التالية:
- الوعي باحتياجاتك الأسرية، واحتياجات أسرتك، وأدوارك فيها.
- الوعي باحتياجاتك الوظيفية، واحتياجات وظيفتك، وأدوارك فيها.
- قيادة أداء أدوارك الأسرية، والوظيفية بتمكُّنٍ، وشعورٍ بالاستمتاع، ملخص هذا الهدف:
(أنتِ القائدُ المتمكنُ المستمتعُ بالقيادة).
خاص بموقع بانيات بقلم د.هيلة الجوفان (أستاذ مشارك في أصول التربية)
قد يهمك أيضاً: